هوأبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي القرشي وهو أحد أبرز أئمّة أهل السنة والجماعة عبر التاريخ، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلاميّ، عرف بالحكمة والبلاغة والأشعار التى تهدف إلى توضيح العبر فى الأمور الدنويه ومنها:
نعيب زماننا والعيب فينا *** وما لزمانا عيب سوانا
ومن أشهر أقواله وحكمه وتعتبر من كنوز المقولات والعبر:
¤ هذه هي الدنيا:
تموت الأسد في الغابات جوعا *** ولحم الضأن تأكله الكلاب
وعبد قد ينام على حرير *** وذو نسب مفارشه التراب
¤ دعوة إلى التنقل والترحال:
ما في المقام لذي عقل وذي أدب *** من راحة فدع الأوطان وإغترب
سافر تجد عوضا عمن تفارقه *** وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب
إني رأيت ركود الماء يفسده *** إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الغاب ما إفترست *** والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة *** لملَّها الناس من عجم ومن عرب
والتِّبرُ كالتُّرب مُلقى في أماكنه *** والعود في أرضه نوع من الحطب
فإن تغرّب هذا عزّ مطلبه *** وإن تغرب ذاك عزّ كالذهب
¤ الضرب في الأرض:
سأضرب في طول البلاد وعرضها *** أنال مرادي أو أموت غريبا
فإن تلفت نفسي فلله درها *** وإن سلمت كان الرجوع قريبا
¤ آداب التعلم:
إصبر على مر الجفا من معلم *** فإن رسوب العلم في نفراته
ومن لم يذق مر التعلم ساعة *** تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابه *** فكبر عليه أربعا لوفاته
وذات الفتى والله بالعلم والتقى *** إذا لم يكونا لا إعتبار لذاته
¤ متى يكون السكوت من ذهب:
إذا نطق السفيه فلا تجبه *** فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فرّجت عنه *** وإن خليته كمدا يموت
¤ عدو يتمنى الموت للشافعي:
تمنى رجال أن أموت، وإن أمت *** فتلك سبيل لست فيها بأوحد
وما موت من قد مات قبلي بضائر *** ولا عيش من قد عاش بعدي بمخلد
لعل الذي يرجو فنائي ويدّعي *** به قبل موتي أن يكون هو الردى
¤ لا تيأسن من لطف ربك:
إن كنت تغدو في الذنوب جليدا *** وتخاف في يوم المعاد وعيدا
فلقد أتاك من المهيمن عفوه *** وأفاض من نعم عليك مزيدا
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا *** في بطن أمك مضغة ووليدا
لو شاء أن تصلى جهنم خالدا *** ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيدا
¤ الصديق الصدوق:
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا *** فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة *** وفي القلب صبر للحبيب وإن جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه *** ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة *** فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله *** ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده *** ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها *** صديق صدوق صادق الوعد منصفا
¤ التوكل على الله:
توكلت في رزقي على الله خالقي *** وأيقنت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقي فليس يفوتني *** ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي به الله العظيم بفضله *** ولو، لم يكن من اللسان بناطق
ففي اي شيء تذهب النفس حسرة *** وقد قسم الرحمن رزق الخلائق
¤ لمن نعطي رأينا:
ولا تعطين الرأي من لا يريده *** فلا أنت محمود ولا الرأي نافعه
كتمان الأسرار:
إذا المرء أفشى سره بلسانه *** ولام عليه غيره فهو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه *** فصدر الذي يستودع السر أضيق
لما عفوت ولم أحقد على أحدٍ *** أرحت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيته *** أدفع الشر عني بالتحيات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه *** كما أن قد حشى قلبي محبات
الناس داء ودواء الناس قربهم *** وفي اعتزالهم قطع المودات
¤ الإعراض عن الجاهل:
أعرض عن الجاهل السفيه *** فكل ما قال فهو فيه
ما ضر بحر الفرات يوماً *** إن خاض بعض الكلاب فيه
¤ السكوت سلامة:
قالوا اسكت وقد خوصمت قلت لهم *** إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرف *** وفيه أيضاً لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة؟ *** والكلب يخسى لعمري وهو نباح
¤ كم هي الدنيا رخيصة:
يا من يعانق دنيا لا بقاء لها *** يمسي ويصبح في دنياه سافرا
هلا تركت لذي الدنيا معانقة *** حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها *** فينبغي لك أن لا تأمن النارا
¤ وفي مخاطبة السفيه قال:
يخاطبني السفيه بكل قبح *** فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما *** كعود زاده الإحراق طيبا
¤ الحكمة:
دع الأيام تفعل ما تشاء *** .. وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي *** فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا *** وشيمتك السماحة والوفاء
وإن كثرت عيوبك في البرايا *** وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب *** يغطيه كما قيل السخاء
ولا تر للأعادي قط ذلا *** فإن شماتة الأعدا بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل *** فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني *** وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور *** ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع *** فأنت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا *** فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن *** إذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حين *** فما يغني عن الموت الدواء
¤ إن المحب لمن يحب مطيع:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه *** هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع
في كل يوم يبتديك بنعمة *** منه وأنت لشكر ذلك مضيع
¤ أبواب الملوك:
إن الملوك بلاء حيثما حلوا *** فلا يكن لك في أبوأبهم ظل
ماذا تؤمل من قوم إذا غضبوا *** جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فاستعن بالله عن أبوأبهم كرما *** إن الوقوف على أبوابهم ذل
¤ فرجـــت:
ولرب نازلة يضيق لها الفتى *** ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكنت أظنها لا تفرج
¤ مناجياً رب العالمين:
قلبي برحمتك اللهم ذو أنس *** في السر والجهر والإصباح والغلس
ما تقلبت من نومي وفي سنتي *** إلا وذكرك بين النفس والنفس
لقد مننت على قلبي بمعرفة *** بأنك الله ذو الآلاء والقدس
وقد أتيت ذنوبا أنت تعلمها *** ولم تكن فاضحي فيها بفعل مسي
فامنن علي بذكر الصالحين ولا *** تجعل علي إذا في الدين من لبس
وكن معي طول دنياي وآخرتي *** ويوم حشري بما أنزلت في عبس
¤ دعوة إلى التعلم:
تعلم فليس المرء يولد عالما *** وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإن كبير القوم لا علم عنده *** صغير إذا التفت عليه الجحافل
وإن صغير القوم إن كان عالما *** كبير إذا ردت إليه المحافل
¤ إدراك الحكمة ونيل العلم:
لا يدرك الحكمة من عمره *** يكدح في مصلحة الأهل
ولا ينال العلم إلا فتى *** خال من الأفكار والشغل
لو أن لقمان الحكيم الذي *** سارت به الركبان بالفضل
بُلي بفقر وعيال لما *** فرق بين التبن والبقل
¤ الدعـــاء:
أتهزأ بالدعاء وتزدريه *** وما تدري بما صنع القضاء
سهام الليل لا تخطي *** لها أمد، وللأمد، انقضاء
¤ العلم رفيق نافع:
علمي معي حيثما يممت ينفعني *** قلبي وعاء له لا بطن صندوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي *** أو كنت في السوق كان العلم في السوق
¤ تول أمورك بنفسك:
ما حك جلدك مثل ظفرك *** فتول أنت جميع أمرك
وإذا قصدت لحاجة *** فاقصد لمعترف بفضلك
¤ فتنة عظيمة:
فساد كبير عالم متهتك*** وأكبر منه جاهل متنسك
هما فتنة في العالمين عظيمة *** لمن بهما في دينه يتمسك
¤ العيب فينا:
نعيب زماننا والعيب فينا *** وما لزمانا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب *** ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب *** ويأكل بعضنا بعضا عيانا
¤ يا واعظ الناس عما أنت فاعله:
يا واعظ الناس عما أنت فاعله *** يا من يعد عليه العمر بالنفس
احفظ لشيبك من عيب يدنسه *** إن البياض قليل الحمل للدنس
كحامل لثياب الناس يغسلها *** وثوبه غارق في الرجس والنجس
تبغي النجاة ولم تسلك طريقتها *** إن السفينة لا تجري على اليبس
ركوبك النعش ينسيك الركوب على *** ما كنت تركب من بغل ومن فرس
يوم القيامة لا مال ولا ولد *** وضمة القبر تنسي ليلة العرس
¤ حسن الخلق:
إذا سبني نذل تزايدت رفعة *** وما العيب إلا أن أكون مساببه
ولو لم تكن نفسي على عزيزة *** مكنتها من كل نذل تحاربه
¤ من روائع الإمام الشافعي:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي *** جعلت الرجا منى لعفوك سلما
تعاظمنى ذنبي فلما قرنته *** بعفوك ربي كان عفوك اعظما
فما زلت ذا عفوعن الذنب لم تزل** تجود وتعفو منة وتكرما
فلولاك لمايصمد لابليس عابد ** فكيف وقد اغوى صفيك ادما
فلله در العارف الندب انه *** تفيض لفرط الوجد اجفانه دما
يقيم اذا ما الليل مد ظلامه *** على نفسه من شدة الخوف مأتما
فصيحا اذا ماكان في ذكر ربه *** وفي ماسواه في الورى كان اعجما
ويذكر اياما مضت من شبابه *** وماكان فيها بالجهالة اجرما
قصار قرين الهم طول نهاره *** اخا الشهد والنجوى اذا الليل اظلما
يقول حبيبي انت سؤلى وبغيتى *** كفى بك للراجين سؤلا ومغنما
الست الذي غذيتنى وهديتنى *** ولازلت منانا على ومنعما
عسى من له الاحسان يغفر زلتى *** ويستر اوزارى وما قد تقدما
إذَا رُمْتَ أَنْ تَحيَا سليمًا مِنَ الرَّدَى *** وَدِينكَ مَوفُورٌ وَعِرْضُكَ صيّنُ
فَلا يَنطِقَن مِنْكَ اللسان بِسَوءةٍ *** فَكلكَ سَوْءَاتٌ وللنَّاسِ أَلْسُنُ
وَعَيْنَاكَ إِنْ أَبْدَتْ إِلَيْكَ مَعَايبًا *** فَدَعْهَا، وَقُلْ يَا عَيْنُ للنَّاسِ أَعْيُنُ
وَعَاشِرْ بِمَعْرُوفٍ وَسَامِحْ مَنِ اعْتَدَى *** وَدَافِعْ وَلَكِنْ بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ
الدَّهْرُ يَومَانِ ذَا أمْنٍ وذَا خَطَرٍ *** والعيشُ عيشانِ ذا صفو وذا كدرُ
أَمَا تَرَى البحرَ تَعلُو فوقه جِيَفٌ *** وتَسْتَقِرُّ بأقْصَى قاعِهِ الدُّرَرُُ
وفِي السَّمَاءِ نجومٌ لا عدادَ لَهَا *** وليس يُكسَفُ إلا الشمس والقمر
¤ من روائع الإمام الشافعي أيضا:
أحب من الإخوان كل موَاتي *** وكل غضيض الطرف عن عثراتي
يوافقني في كل أمر أريده *** ويحفظني حيا وبعد مماتي
فمن لي بهذا؟ ليت أني أصبته *** لقاسمته مالي من الحسنات
تصفحت إخواني فكان أقلهم *** على كثرة الإخوان أهلُ ثقاتي
¤ من روائع الإمام الشافعي أيضا:
إن الطبيب بِطبه وَدَوائه *** لا يستطيع د ِفاع مقدُور ِ القضى
ما للطبيب يموت بالداء الذي *** قد كان يبرىء مثله فيما مضى
هلك المُدَاوِي والمُدَاوََى والذي *** جَلبَ الدّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ َّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّواءَ وَباعهُ وَمن ِ اشترى
¤ الله حسبي:
أنت حسبي وفيك للقلب حسب *** وبحسبي إن صح لي فيك حسب
لا أبالي متى ودادك لي صح *** من الدهر ما تعرض لي خطب
¤ قلة الإخوان عند الشدائد:
ولما اتيت الناس اطلب عندهم *** أخا ثقةٍ عند أبتداء الشدائد
تقلبت في دهري رخاء وشدة *** وناديت في الأحياء هل من مساعد؟
فلم أر فيما ساءني غير شامتٍ *** ولم أر فيما سرني غير جامد
¤ مساءة الظن:
لا يكن ظنك إلا سيئاً *** إن الظن من أقوى الفطن
ما رمى الإنسان في مخمصةٍ *** غير حسن الظن والقول الحسن
دخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه فقال له: كيف أصبحت يا أبا عبدالله؟!
¤ فقال الشافعي:
أصبحت من الدنيا راحلا، وللإخوان مفارقا، ولسوء عملي ملاقيا، ولكأس المنية شاربا، وعلى الله واردا، ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أم إلى النار فأعزيها.
ثم أنشأ يقول:
و لما قسا قلبي وضاقت مذاهبي *** جعلت رجائي نحو عفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك *** ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل *** تجود وتعفو منة وتكرما
المصدر: موقع البوابة الدينية.